كارثة بورسعيد.. تردد وإهمال سيقود لنهاية الكرة المصرية !

كارثة بورسعيد.. تردد وإهمال سيقود لنهاية الكرة المصرية !
أكثر من ثلاثة أسابيع مرت على مأساة كرة القدم المصرية التاريخية بمصرع 73 من مشجعي التراس الاهلي بعد صافرة النهاية لمباراة الاهلي مع المصري بإستاد المصري ببورسعيد، ولم يعلن عن قرار الاتهام بواسطة النيابة او يعلن عن المسئولية السياسية حسب تخصص لجنة تقصي الحقائق بمجلس الشعب ، ولانسمع من الجميع سوى كلمة القصاص وحق الضحايا أو شهداء الكارثة.. ويبدو أن دم الضحايا الذي لم يجف والقصص المروعة للجريمة البشعة في بورسعيد والاحزان التي كسرت ظهور عائلاتهم ومعظمها عائلات فقيرة، لن يكفيها هذه الاقوال المرسلة ولن يعوضها كلمات لاعبي الاهلي الذين نجوا من نفس مصير ضحايا الالتراس ، وعاشوا التجربة وشعروا بالحزن وسكبوا الدموع، وأقسموا على عدم العودة للملاعب إلا بعد الاقتصاص من القتلة وأخذ حق الضحايا ، وبعضهم أقسم على اعتزال اللعبة التي تؤدي الى سقوط القتلى، ولكنهم وتحت ضغط إدارة ناديهم ، عادوا إلى التدريب وتراجعوا عن الاعتزال وبدأوا بالفعل معسكراً بدبي وسيلعبون بعض المباريات الودية وتليها مبارياتهم الرسمية الافريقية ، والاغرب ان أغلب اللاعبين لم يوفوا بوعودهم بتبرعات مناسبة لصندوق الضحايا ، وبعضهم طالب بأن يكون تبرعه من مقدمة عقده الجديد مع النادي!.

** يقول المولى عز وجل في محكم كتابه الكريم " ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب ".. ، فالقصاص يهديء قليلاً القلوب الغاضبة الراغبة في الانتقام لضحاياهم ،فيكفوا عن الثأر ويتم إنقاذ حياة المزيد من الضحايا.. ولكن العدل البطيء وشيوع المسئولية واتساع دائرة الاتهام في ملعب غص بأكثر من سبعة أو ثمانية آلاف متفرج بورسعيد ، أرهبوا وأرعبوا 1200 مشجع أهلاوي محاصرين في مدرجهم ، وكثير منهم من الاطفال والناشئة ، فراحوا يتعرضون للضرب والطعن والتهديد بالاسلحة البيضاء والمطاردة التي أدت إلى حشرهم في ممر ضيق نحو بوابة مغلقة وسط ظلام دامس وصرخات مرعبة ، فماتوا اختناقاً ودهساً .

** للأسف تأخرت إعلان نتيجة التحقيقات ومسئولية الجناة ، وبدأت الاندية تدريباتها ، ومبارياتها الودية ومنافساتها القارية ، وتجسد حديث الاعلام وخاصة الفضائيات حول عودة الدوري ، استئنافا لمورد رزق هذه القنوات الباحثة عن البيزنس وجمع المال بحشد النجوم وإثارة الجدل وتأجيج المشاعر، وللأسف يحلمون الان في بورسعيد بالتئام شمل فريقهم بعودة التوءمين حسام وابراهيم حسن لمهمة تدريب الفريق وفي الطريق عودة المليونير كامل أبو علي رئيس النادي المستقيل ، وقد عاد الفريق إلى تدريباته وفي حضور جماهيره المتسببة في المذبحة والذين عادوا ببيان يزعمون فيه براءتهم وهم يتوهمون أن فريقهم سيعود للدوري ويستأنف مبارياته ، وكأن القتلى والضحايا والمأساة البشعة ، كانت حادثا عابرا وانتهى!!

** نعم تأخرت التحقيقات وإعلان المسئولية الجنائية والمسئولية السياسية، لمزيد من الدقة وسؤال الشهود وتحليل أدلة الاتهام ،ولكن وبكل إستخفاف وجبن وتهاون ، تخاذل كل المسئولين عن اللعبة في مصر،و لم يتكلم أحد حتى الان عن العقوبة الرياضية والتي تشمل النادي والملعب والجمهور في هذه الجريمة الكبري ، والتي تستحق إسقاط فريق المصري للدرجة الثالثة وإيقافه عدة سنوات بسبب جريمة جمهوره التاريخية.

** عار على مسؤولي الكرة والرياضة المصرية والمجلس القومي للرياضة ومجلس الوزراء وصولاً إلى أعلى رأس في الدولة ، أن يتم السكوت حتى الآن عن أتفه العقوبات الأولية وهي العقوبة الرياضية التي يجب أن تأخذ مجراها فورا بإيقاف النادي المصري وملعبه وجمهوره، في عقوبة مغلظة تناسب الجرم المأساوي.. عار عليكم هذا الصمت المريب ، فالعقوبة الرياضية ، ليس لها علاقة بالمسئولية الجنائية ، والإهمال والتقصير السياسي ، وإذا لم تعاقبوا المصري وملعبه وجمهوره بعقوبات رادعة ، فإنتظروا مأسي وجرائم مروعة أكبر وأعنف في القاهرة والاسكندرية والاسماعيلية والمحلة وغيرها، وانتظروا نهاية محتمة للكرة المصرية!